شرح مفهوم بر الوالدين للأطفال

بر الوالدين من القيم الإنسانية العظيمة التي حث عليها الدين الإسلامي وجميع الشرائع السماوية، وهو من أسمى الأخلاق التي يتعلمها الإنسان منذ صغره. فهم الأطفال مفهوم البر بطريقة مبسطة تساعدهم على تطبيقه في حياتهم اليومية، وتهيئهم لأن يكونوا أشخاصًا صالحين يحترمون آباءهم ويقدرون تعبهم.

معنى بر الوالدين

البر يعني الإحسان، وهو فعل الخير والتعامل الحسن مع الآخرين. وعندما نتحدث عن بر الوالدين، فنحن نعني أن نحب أبانا وأمنا ونحترمهم ونعاملهم بلطف واهتمام، وأن نساعدهم ونطيعهم في الأمور التي لا تخالف أمر الله. بر الوالدين يعني أن نكون طيبين معهم، وأن نشكرهم على كل شيء قدموه لنا، لأنهم هم السبب في وجودنا وحياتنا.

يمكن للأطفال فهم البر على أنه حب واهتمام خاص من الطفل تجاه والديه، وأن يظهر هذا الحب بالقول الطيب، وبالأفعال التي تبعد عن إزعاجهم أو إحباطهم، وأن يكون الطفل مستعدًا لمساعدتهم عندما يحتاجون إلى ذلك.

أهمية بر الوالدين في حياة الطفل

بر الوالدين لا يقتصر فقط على الأطفال، بل هو واجب على كل إنسان في كل مراحل حياته، لكنه يبدأ منذ الطفولة بتعلم المبادئ الأساسية للمعاملة الحسنة. عندما يفهم الطفل قيمة البر، تنشأ عنده مشاعر الامتنان والمحبة، ويتعلم كيف يكون شخصًا مسؤولًا.

بر الوالدين يزرع في الطفل قيم الصبر، الاحترام، والتواضع، ويقربه من والديه، مما يخلق جوًا أسريًا دافئًا ومحبًا. كما أن البر يجعل الطفل يعي أهمية الأسرة، ويشعر بالمسؤولية تجاهها، ويستطيع أن يكون قدوة لأصدقائه في حسن المعاملة.

كيف يطبق الطفل بر الوالدين؟

تطبيق بر الوالدين يمكن أن يكون بسيطًا ومناسبًا لعمر الطفل، ومن أبرز الأمور التي يمكن أن تساعد في توضيح ذلك:

1. الاستماع إلى الوالدين باحترام: عندما يتحدث الأب أو الأم، ينتبه الطفل لما يقولونه ولا يقاطعهم، بل يرد عليهم بأدب.

2. قول الكلمات الطيبة: مثل “شكراً”، “من فضلك”، و”أنا أحبك”، وهذه الكلمات تزيد المحبة بين الطفل ووالديه.

3. مساعدة الوالدين في الأعمال المنزلية: مثل ترتيب الألعاب، وتنظيف الغرفة، أو المساعدة في ترتيب المائدة.

4. عدم التذمر أو الغضب من طلبات الوالدين: حتى لو كانت الطلبات مزعجة في بعض الأحيان، يجب أن يتعلم الطفل الصبر والطاعة.

5. الاعتذار عند الخطأ: عندما يخطئ الطفل، يعتذر لوالديه، وهذا جزء مهم من البر لأنه يعبر عن الاحترام والاعتراف بالخطأ.

6. الاهتمام بالوالدين عندما يكونون متعبين: يمكن أن يقدم الطفل لهم الماء، أو يخفف عنهم بعض المسؤوليات البسيطة.

7. طاعة الوالدين في الأمور التي لا تتعارض مع الدين: فهذا جزء أساسي من البر حسب التعاليم الإسلامية.

قصص وأمثلة مبسطة لتعزيز فهم الطفل

الأطفال يتعلمون بشكل أفضل عندما نستخدم لهم قصصًا وأمثلة قريبة من حياتهم. يمكن سرد قصة عن طفل كان يساعد والديه، كيف كان ذلك يفرحهم ويشعرهم بالسعادة، أو قصة عن طفل لم يكن يطيع والديه فتعلم الدرس وأصبح أفضل بعد ذلك.

مثلاً: كان هناك طفل اسمه سامي، يحب اللعب كثيرًا لكنه كان ينسى أن يساعد أمه في ترتيب أغراضه، فكانت أمه حزينة. ثم قرر سامي أن يساعد أمه كل يوم، فشعرت أمه بالسعادة وابتسمت له كثيرًا، وأصبح سامي يشعر بأنه يجعل أمه سعيدة.

هذه القصص تترسخ في ذهن الطفل وتجعله يفهم أن البر هو أمر بسيط لكنه عظيم التأثير.

بر الوالدين في الإسلام

القرآن الكريم والسنة النبوية يوليان اهتمامًا بالغًا ببر الوالدين. في القرآن، قال الله تعالى:

“وَقَضى رَبُّكَ أَلّا تَعبُدوا إِلّا إِيّاه وَبِالوالِدَين إِحسانًا” (الإسراء: 23)

وهذا يعني أن الله أمر بعبادته وحده وحدد بر الوالدين كواجب عظيم يجب أن لا يُغفل عنه.

كما قال النبي محمد صلى الله عليه وسلم:

“رضا الله في رضا الوالد وسخط الله في سخط الوالد.”

أي أن رضا الله يكون مرتبطًا برضا الوالدين، والعكس صحيح. وهذا يوضح أهمية بر الوالدين في حياة كل مسلم.

الآثار الإيجابية للبر على الأسرة والمجتمع

بر الوالدين يخلق روابط قوية في الأسرة ويؤدي إلى مجتمع متماسك يسوده الاحترام والمحبة. عندما يحترم الطفل والديه، يتعلم لاحقًا كيف يحترم الآخرين ويعاملهم بلطف، وهذا ينعكس إيجابيًا على حياته الاجتماعية.

بر الوالدين يقلل من الخلافات الأسرية، ويساعد في بناء بيئة عائلية صحية، مما ينعكس على الصحة النفسية لأفراد الأسرة جميعًا.

كيف ينشأ الطفل على البر من خلال التربية؟

التربية السليمة تلعب دورًا محوريًا في تعليم الطفل بر الوالدين. يبدأ ذلك من خلال القدوة الحسنة، فالأبوان يجب أن يكونا مثالًا للطفل في حسن التعامل مع بعضهما البعض ومع الآخرين.

كما أن استخدام أساليب تربوية إيجابية مثل المكافأة على التصرفات الجيدة، والابتعاد عن العقاب القاسي، يساعد الطفل على حب البر. ويجب أن يشرح الوالدين للطفل أسباب هذه القيم وأهميتها بأسلوب مبسط ومتدرج.

تأثير التكنولوجيا ووسائل التواصل على بر الوالدين

في عصرنا الحالي، كثرة استخدام التكنولوجيا يمكن أن تؤثر على العلاقة بين الأطفال والوالدين إذا لم يتم تنظيم الوقت بشكل مناسب. فقلة التواصل المباشر قد تضعف الروابط الأسرية.

لذلك، من الضروري تشجيع الأطفال على تخصيص أوقات للتفاعل مع والديهم، مثل الحديث معهم، المساعدة في بعض الأعمال، أو المشاركة في الأنشطة العائلية. هذا يعزز شعور الطفل بالحب والاحترام تجاه والديه.

بر الوالدين في المواقف المختلفة

بر الوالدين لا يقتصر على أوقات السعادة فقط، بل يمتد ليشمل مواقف المرض أو الكبر. في هذه المواقف، يظهر البر بأشكال أعمق، حيث يحتاج الوالدان إلى عناية واهتمام أكبر.

الطفل الذي تعلم البر من الصغر يكون أكثر استعدادًا لتحمل المسؤولية والعناية بوالديه في مراحل العمر المتقدمة، مما يضمن لهم حياة كريمة ومستقرة.

الجدول التالي يوضح بعض أفعال البر المناسبة للأطفال بحسب أعمارهم:

الختام

بر الوالدين من القيم الجوهرية التي تبني مجتمعًا قويًا وسليمًا. تعليم الطفل مفهوم البر منذ الصغر، بأسلوب مبسط وواضح، يضمن نشأته على محبة واحترام والديه، ويجعل منه إنسانًا صالحًا قادرًا على بناء علاقات إنسانية متينة. البر هو تعبير عن الشكر والعرفان لكل ما بذله الوالدان من أجل أبنائهم، ويظل أثره الإيجابي يمتد مدى الحياة في بناء أسرة سعيدة ومجتمع متماسك.

المصادر

• القرآن الكريم

• صحيح البخاري ومسلم (حديث “رضا الله في رضا الوالد”)